السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
كنا في رحلة عائلية في إحدى القرى البعيدة فأدركتنا صلاة الجمعة في أحد المساجد فحضرنا، وبدأ الخطيب خطبته بعد أن حمد الله وأثنى عليه بصوت مرتفع عن فضل القرآن الكريم فما لبث أن ضرب مثالاً عن واقعنا قائلاً:
وإذا أردت أن تعرف يا عبد الله كيف حالنا مع كتاب الله، فادخل منزلك بعد صلاة الجمعة وأحضِر كرسياً ، ثم ضعه بجانب خزانة الملابس، ثم اصعَد عليه و تحسّس بيدك فوق الخزانة لتجد كتاباً مهجوراً قد تراكم الغبار عليه بطبقات كثيرة، فإذا أمسكت به فارفق به لأن صفحاته قد شارفت على التمزق ، وبعد أن تمسكه بعناية فائقة ؛ امسح الغبار عن جلدته لتجد مكتوباً بالخط العريض
(== القرآن الكريم ==)
إندهشتُ من كلام الشيخ وأسلوبه الذي يشد السامع ويبهر الناظر بحركاته المعبرة، ولكني لم أحسبه إلا أسلوباً من أساليب البلاغة الذي يدفع الناس لقراءة كلام الله وحفظه وتدبره وتدارسه.
ولكني تذكرتُ هذه الخطبة التي مضى عنها سنة كاملة قبل يومين عندما كنت جالساً بعد صلاة المغرب في المسجد فذهبت لخزانة المصاحف الكبيرة الجميلة التي إمتلأت بالمصاحف ذات الأحجام المختلفة، وفتحتها لأتناول أحد المصاحف. وبعد أن قرآتُ فيه قليلا بدأت أفرك يداي متضايقاً ، فنظرتُ فإذا أطراف أصابعي قد بدأت بالاسوداد جراء الغبار المتراكم على هذا الكتاب العظيم ......!!
يا الله تذكرت حينها قول الله تعالى: ﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا ﴾ الفرقان: 30
قال ابن القيم في كتابه القيم " الفوائد ": وهجر القرآن أنواع:
أحدها: هجر سماعه والإيمان به والإصغاء إليه.
والثاني: هجر العمل به والوقوف عند حلاله وحرامه، وإن قرأه وآمن به.
والثالث: هجر تحكيمه والتحاكم إليه في أصول الدين وفروعه، وفروعه، وإعتقاد أنه لا يفيد اليقين، وأن أدلته لفظية لا تحصل العلم.
والرابع :هجر تدبره وتفهمه، ومعرفة ما أراد المتكلم به منه.
والخامس: هجر الاستشفاء والتداوي به في جميع أمراض القلوب وأدوائها، فيطلب شفاء دائه من غيره، ويهجر التداوي به ...
وإن كان بعض الهجر أهون من بعض.
ثم التفتُ حولي.. ما أنظف سجاد المسجد وما أنظف زجاج خزانة المصاحف وما أعطر رائحة المسجد فجزى الله خادم المسجد خير الجزاء، ولكن غبار المصاحف لا يزيله إلا تعاهد هذا الكتاب من أمة القرآن ..
وتذكرت قوله تعالى: "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا
وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى (126)" سورة طه
فالله الله أخواتي في الله لنشد العزم والعزيمة متوكلين على الله لنعود إلى كتاب الله حتى يأتي شهر رمضان ، شهر القرآن ونحن في أحسن حال مع كتاب ربنا عز وجل ..ولا ننتظر شهر رمضان ليأتي .. فربُ رمضان هو ربٌ لباقي الشهور ..
اللهم إجعلنا ممن { يستمعون القول فيتبعون أحسنه }
*الخلاصة من الموضوع*
أن بعض الناس قد هجروا القرآن الكريم وهو كتاب المسلمين الذي يهتدون به....
فلنرجع لكتابنا الكريم ولنعوض ما سبق
منقول للفائده